بسمارك.. وشربل.. ومعلم المدرسة

شربل.. الأستاذ الوفي
لقد أعجبني مقالك ، وأود أن انقل لك هذه المعلومة عن المدرسين:
في يوم من الأيام ذهب الحاكم بسمارك ، الذي وحّد ألمانيا، ليزور مدرسة ما في بلده . فاستقبله مدير المدرسة بكل احترام وأبهة .
وبسمارك هذا معروف بجبروته وقسوته ، وكان يخشاه الصغير قبل الكبير، ولكنه كان عادلا ، ومحبا جدا لشعبه ، ومخلصا أمينا على بلده.
وأثناء ألزيارة طلب بسمارك من المدير أن يصحبه الى غرف التدريس ليطلع على طريقة التدريس.
استجاب المدير لطلبه ، وكان كلما دخل صفاً يطلب معلمه من الطلاب الوقوف احتراما لعظمة الرئيس .
وهكذا دواليك الى أن دخل بسمارك بصحبة المدير الى أحد ألصفوف، فلم يتوقف المدرس عن شرح درسه للتلاميذ ، ولم يطلب من التلاميذ الوقوف لبسمارك ، حتى ولم يعطه أي اهتمام ، وبقي يلقى محاضرته بكل شجاعة، ودون أدنى خوف ، واستمر يسمارك يستمع الى شرحه حتى النهاية.
وانصرف بعدها مودعا بالحفاوة والتكريم من قبل المدير.
أثار تصرف المعلم غضب المدير، واستدعاه الى مكتبه ، وأنزل عليه سخطه لتصرفه الشاذ امام بسمارك .
وفي اليوم التالي تسلم مدير المدرسة مكالمه هاتفية من مكتب الرئيس بسمارك ، يطلب فيها استدعاء المدرس للمثول امامه .
وعندما تم تبليغ المدرس بذلك ،التف حوله كافة المعلمين الزملاء لتوديعه الوداع الأخير ، ظنا منهم أن بسمارك سيعدمه لتصرفه الأحمق .
توجه المدرس الى قصر الرئيس ، ومثل أمام بسمارك ، الذي رحب به أجمل ترحيب ، وسأله لماذا لم يوقف الدرس ، ولم يطلب من طلابه الوقوف احتراما له، كما هي العادة المتبعة . وأشعره بأنه غير غاضب عليه ، انما يود سماع السبب.
فأجاب المعلم بكل هدوء: سيدي الرئيس . أنا الموكل بتدريس هؤلاء الطلبة لأخلق لألمانيا رجالا أقوياء ، وحتى يثق بي الطلاب يجب أن أشعرهم بقوتي ، وعدم خوفي من أحد، وأنني المعلم المطاع, واذا شعر الطلاب بأني أخاف من أحد ، فأنني افقد ثقتهم ، وبالتالي لا يهابونني ولآ يصدقون ما أقوله لهم.
حتى يصدقني الطلبة يجب أن أظهر لهم بانني قوي وصادق ولا أهاب أحداً . وهكذا سيدي تصنع الرجال .
سر الرئيس بسمارك من جوابه ، ومنحه أعلى وسام تعليمي في ألمانيا .
**